إن حقيقة الصوم وقِوامه، هو الإمساك (الامتناع) عن المُفطِّرات، من طعام، وشراب، وقضاء وطر، وذلك من طلوع الفجر من يوم الصيام، إلى غروب الشمس (أى عند غياب قرص الشمس بتمامه في الأفق).يقول الله – تبارك وتعالى – فى سورة البقرة : {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ } . وحيث إن الله تعالى قد أباح هذه الجملة من المُفطِّرات ليلة الصيام، وأمر سبحانه بالإمساك عنها في نهار الصيام، فقد دل ذلك على أن ركن الصوم وحقيقته هو هذا الإمساك المأمور به.
7 شروط واجب توافرها عند صيام شهر رمضان المبارك:
هى الأمور التي يلزم عند وجودها الصيام، فتتعلق ذمّة المكلَّف بهذا الواجب فإن عُدِم أحدُها لم يكن الصيام عندئذٍ واجباً، وهي سبعة :
الإسلام و الشهادة شرط أساسي للصيام
فلا يجب الصوم على كافر، فإن أسلم أثناء شهر رمضان، صام ما يستقبل من بقية شهره، ولا يقضي( أى لا يعيد ما فاته من أيام الصيام) ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «الإسلام يَجُبُّ ما قبله» . فلو أسلم الكافر في أثناء نهار الصوم، لزمه إمساك بقية يومه – تعظيماً لحرمة نهار رمضان – كما يلزمه القضاء، لكونه قد أدرك جزءاً من وقت العبادة، حال كونه مسلماً .
ان يكون الانسان عاقل أحد شروط الصيام
من المقرر – عند الأصوليين – أن الخطاب الإلهى الملزم لا يتوجه لغير عاقل، وذلك لعدم أهليته للعبادة، فلايجب الصوم على مجنون، أو مغمى عليه، أو من دخل فى غيبوبة ؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم- : «رفع القلم عن ثلاث: عن المجنون المغلوب على عقله، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم».
الصيام واجب على الصبي حتى يحتلم و الفتاة حتى تحيض
وقد اعتُبِر شرطَ وجوبٍ ؛ لأن الغرض من التكليف هو الطاعة والإمتثال، ولا يكون ذلك إلا بإدراك معنى التكليف والقدرة على القيام به، والطفل في واقع حاله عاجز عن الإدراك والقدرة، فلم يكن ذلك الصومُ واجباً على الصبي حتى يحتلم، ولا على الفتاة حتى تحيض.
النية شرط أساسي في الصيام
ومعناها – هنا – أن يقصِد المكلَّفُ بالصيام العالمُ بوجوبه الصومَ، وأن تكون هذه النية بالصوم جازمة لا تردُّدَ فيها، وأن تكون معيِّنةً لمَحَلِّ وقت الصوم، كصيام غدٍ مثلاً، أو معيَّنة لمحلِّ سبب الصوم، كصيام قضاء يوم من رمضان مثلاً، كما يُشترط في النية أن تكون مبيَّتة ليلاً وذلك لصيام الفرض، أما صيام النفل فلا يشترط تبييت النية فيه ليلاً. بل يصح صومه بنيةٍ قبل الزوال.
الطهارة من الحيض والنفاس
وذلك في جميع نهار الصوم؛ فمن انقطع دمها من حيض أو نفاس ليلاً، ثم لم تغتسل، ونوت الصيام من الغد، صحَّ صومها، أما من طرأ عليها حيض أو نفاس في نهارٍ بَطَل صومُها، ووجب عليها القضاء حال الطهارة. وقد أجمع أهل العلم أنه لا يصح صوم حائض أو نفساء، من أجل أنهما ليستا أهلاً للصوم. وهنا سؤال يطرح نفسه لو أصبح المسلم جُنُبًا، فهل يصح صومه؟ فنقول وبالله التوفيق : نعم يصح صومه، فالإحتلام لا يؤدي إلى الفطر بالإجماع، فمن احتلم من ليل أو نهار، فصيامه صحيح ولا شيء عليه.
وكذلك لو جامع ليلاً ولم يغتسل، فأصبح جنباً، فإن صيامه صحيح، وذلك لما روت عائشةُ وأمُّ سلمةَ رضي الله عنهما: « أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يصبح جُنُباً من غير حُلُم ثم يصوم ». بعكس من جامع فى نهار رمضان، أو استمنى بطل صومه، وعليه الكفارة. والله أعلم .
الإقامة والصحة
يشترط فى الصائم أن يكون مقيماً أى ليس على سفر، وصحيح البدن، فإن الله قد رخص للمسافر، وللمريض الفطر، وكذا للمرأة الحامل التى تخشى على جنينها، على أن تقضى فى أيام أخر بعد شهر رمضان، يقول الله سبحانه فى سورة البقرة : { فمن كان منكم مريض أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون }.
والسؤال الذى يطرح نفسه هل من أى مرض أو أى سفر تكون الرخصة للإفطار؟ فنقول وبالله التوفيق: لا في السفر الذي فيه مشقة، فكما في الحديث النبوي الشريف: “السفر قطعة من العذاب” أما السفر اليوم من مدينة إلى مدينة، مع بلوغ نصاب السفر فهذا لا يعد سفراً، ما دمت تعود إلى بيتك فى نفس اليوم، كما أن المرض المرخص فيه الفطر هو الذي له آثار جانبية، كالسكر، وأمراض فقر الدم ….وألخ، أما البرد والصداع وخلافه فلا يجوز التحجج بالمرض للإفطار { وأن تصوموا خير لكم }.والله أعلم.