اسباب ضيق الرزق سؤال يود كثير من الناس معرفة إجابته، ولابد فى ذلك أولاً أن نعرف أن الله –تبارك وتعالى- يجري الأرزاق ويسوقها لعباده دون كد منهم ولا تعب تحقيقاً لكفالته بالرزق لجميع الخلق؛ لذا يقول سبحانه فى محكم التنزيل: ﴿۞ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ [ هود: 6]
ثم إن الناس يتفاوتون بأعمالهم واجتهاداتهم فى أساليب جنى المال، وتحقيق الكسب الحلال، يتفاضلون فيما بينهم فى التخطيط والتنفيذ ثم فى التحصيل.
فمنهم من يغنم المال الوفير والخير الكثير، ومنهم من يجنى قدراً معيناً من المال يتكسبه نتيجة جهد زمنى لصالح عمل فردى أو مؤسسى، فيسمى الناس ذلك ضيقًا فى الرزق أو ابتلاء من الله أو قدراً محتوماً.
الواقع أن أرزاق الله -عز وجل- موزعة بين عباده بحكمة بالغة، يقول عز من قائل: ﴿۞ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ [ سورة الشورى: 27]
وفى سنن الإمام البغوى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن رب العزة سبحانه أنه قال:”إن من عبادي من لو أعطيته الفقر لأفسده ذلك وإن من عبادي من لو أعطيته الغنى لأفسده ذلك، وإن منهم من لو أعطيته الصحة لأفسده ذلك، وإن منهم من لو أعطيته المرض لأفسده ذلك”.
فعلى العبد أن يتجنب المواطن المؤدية إلى ضيق الرزق حتى ينعم برضوان الله – تبارك وتعالى- وتحل بداره البركة.
أسباب ضيق الرزق
قد ورد فى الكتاب والسنة النبوية المطهرة كثير من الآيات والأحاديث الدالة على الأسباب المؤدية إلى ضيق الرزق يمكن تلخيصها فى الآتى:
أسباب عامة لضيق الرزق
إذا ظهرت فى أمة أو بلد أو جماعة من الناس تجمعهم راية واحدة ويلتفون حول غاية واحدة ومصير واحد، فتعرفوا و تراضوا فيما بينهم على تعاطي هذه الخلال التى ذكرها بلا مبالاة أو مؤاخذة ,فانتظر فيهم حكم الله –تبارك وتعالى – فلا محالة سيعم البلاء ويحل بدارهم الشقاء، ويؤخذون بالسنين ونقص المؤن وغلاء الأسعار وضيق الأرزاق وجور الحكام، ونقص القطر والماء والجفاف ونقص الثمرات والأموال، وتنتشر فيهم الأوبئة والأمراض التى لم تكن فى أجدادهم وأسلافهم ويمكن تلخيص هذه الخلال فى ثلاثة رئيسية هى كالتالى:
تأثير نقص المكيال والميزان على الرزق
إذا انتشر الغش بين الناس واستحلوا أموالهم فيما بينهم، فلا يبالي أحدهم بما له من أين اكتسبه وفيما أنفقه، فيأكل أموال الناس بالباطل، في طفف المكيال ويخدع ويحتال فى الميزان، منعهم الله -عزوجل- المطر، وأخذهم بالسنين، فيعم الجفاف، فالماء سر الحياة، فيموت الزرع، وينشف الضرع، ويهلك الحرث والنسل وهذا يؤدى إلى الغلاء والوباء، والفوضى والعناء، وسلك درك الشقاء، وضيق الأرزاق، وشح الأقوات؛ وشدة المؤنة، وجور الحكام.
لذا حذر الله – تبارك وتعالى- فى كتابه العزيز أصحاب مدين من سلوك هذا النفق المظلم، والدرب المهلك، متحدثاً على لسان نبيه الكريم شعيب-عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- قائلاً: وَلَا تَنقُصُواْ ٱلۡمِكۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَۖ إِنِّيٓ أَرَىٰكُم بِخَيۡرٖ وَإِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٖ مُّحِيطٖ وَيَٰقَوۡمِ أَوۡفُواْ ٱلۡمِكۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَۚ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِحَفِيظٖ (سورة هود:الآية 85,84).
انتشار الفاحشة بين الناس
حذر الله –تبارك وتعالى –من إتيان الفواحش ما ظهر منها ما بطن، وخص بالذكر فاحشة الزنا واعتبرها جريمة نكراء، وكبيرة شنعاء، وتوعد من يأتيها سراً بالويل والثبور وعظائم الأمور.
فما بالك أخي الكريم من يأتيهم جهارا نهارا، فإذا ظهرت هذه الفاحشة فى قوم فلم يعيروها إهتماماً، ولم يزجروا فاعليها حديثاً وكلاماً، عمهم الله بالبلاء، وأخذهم بالعذاب، وأصبح عاقبة أمرهم إلى يباب، وانتشرت فيهم الأوبئة والأمراض، وسادت فى رجالهم الدياثة والريبة، ورفعت الغيرة والنخوة والحمية
وقديماً قالوا: إذا رفعت الغيرة من الرجال, رفعت العفة من النساء؛ لذا يقول سبحانه فى محكم التنزيل: فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ وَٱسۡتَغۡنَىٰ وَكَذَّبَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ وَمَا يُغۡنِي عَنۡهُ مَالُهُۥٓ إِذَا تَرَدَّىٰٓ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ [ الإسراء: 32]
عدم أداء الحقوق المالية
تشير الآيات الكريمة في القرآن الكريم إلى أثر عدم أداء الحقوق المالية, قال الله تعالى: “فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ وَٱسۡتَغۡنَىٰ وَكَذَّبَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ وَمَا يُغۡنِي عَنۡهُ مَالُهُۥٓ إِذَا تَرَدَّىٰٓ” (سورة الليل:الآية 5-11)
والتيسير للعسرى، وقد يكون دنيوى، ومثاله انقطاع الرزق وعلى هذا فإن أسباب البركة فى المال أداء الحق سواء كان حقاً واجباً مثل الزكاة، أو مندوباً إليه غير واجب، مثل الصدقة، فالمال يكثر بالبذل والعطاء، وينعدم بالإسراف والتبذير، ويقل بالحرص والتقتير
ففى الحديث النبوى الشريف أن ملكًا من ملائكة الرحمن ينادى كل صباح فى أهل الأرض: “اللهم أعط كل منفقاً خلفاً، وأعط كل ممسكاً تلفاً”، ويقول الله -سبحانه وتعالى- فى القرآن الكريم: “قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ” (سورة سبأ:الآية 39).
وقد لخص النبي –صلى الله عليه وسلم- هذه الأسباب السالف ذكرها في حديث جامع، وبصورة مختصرة مبيناً خطر هذه الظواهر والخلال على مصير الأمم والأجيال، فقد روى الإمام ابن ماجة في سننه من حديث عبد الله بن عمر –رضى الله عنهما- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن
لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون، والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم، وما نقصوا المكيال والميزان، إلا أخذوا بالسنين، وشدة المؤنة، وجورالسلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم، إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم ما أمطروا، ولم ينقضوا عهد الله، وعهد رسوله، إلا سلط عليهم عدوًا من غير أنفسهم، فأخذوا بعض ما فى أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله، ويتخيروا مما أنزل الله , إلا جعل بأسهم بينهم شديد”.
أسباب خاصة
يمكن اختصارها فى النقاط التالية:
النقطة الأولى: الغفلة عن ذكر الله تعالى
إن الإنسان الذي تلهيه شهوات الدنيا، وتأخذه متع الحياة، وتبعده عن الهدف الحقيقي الذي خلق من أجله وهو عبادة الله تعالى فهو في غفلة، فالعبد الذي ينشغل تحصيل قوت يومه، ورزقه، والبحث عن لقمة العيش عن ذكر الله تعالى، وأداء العبادات والفرائض التى أمر الله بها يضيق عليه رزقه.
حيث يقول الله سبحانه: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ” (سورة المنافقون:الآية 9)
ولا يكون الضيق فقط فى المال، بل تحاصره الهموم, وترهقه الأيام، وتحيط به الصعاب والأهوال، ويجرى فى الدنيا جرى الوحوش فى البرية، ثم لا يكون له منها إلا ما قدر له، وكان عند الله مذموماً، وهذا الحالة هى بعينها المعيشة الضنكة المذكورة فى سورة طه، حيث يقول سبحانه: “وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ” (سورة طه:الآية 124)، وقد لخص الله عز وجل فى نفس السورة.
العلاج في ثلاث
الذكر والإستغفار
حيث قال سبحانه: “فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ” (سورة طه:الآية 130)، فعليك أخي بلزوم الاستغفار، ففى الذكر الحكيم، يقول رب العالمين على لسان نوح -عليه السلام- لقومه: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ (سورة نوح:الآية 10-12)،وفى الحديث النبوى الشريف: “من لزم الإستغفار كان له من كل ضيق مخرجاً، ومن كل كرب فرجاً، ورزقه الله من حيث لا يحتسب”.
الترفع عما فى أيدى الآخرين
فلا تتمنوا ما فضل الله بعضكم على بعض، وانظر الى من هو دونك ولا تنظر لمن هو أعلى منك، فهذا أحرى ألا تسخط نعمة الله عليك، وهو معنى قوله تعالى فى سورة طه: “وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ” (سورة طه:131), وفى الحديث النبوى الشريف:”لا تنظروا إلى من فوقكم وانظروا إلى من هو دونكم ؛ذلك أحرى ألا تزدرؤا نعمة الله عليكم”.
الصلاة
بالمحافظة على مواعيدها، والديمومة فى أدائها، والخشوع في قيامها وركوعها وسجودها، وفى هذا يقول سبحانه في سورة طه: “وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ۖ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ” (سورة طه:الآية 132).
النقطة الثانية:المعاصي والذنوب
فقد يحرم العبد رزقاً مكتوباً له بذنب يصيبه أو معصية يستهين بها,،فعن ثوبان مولى رسول الله –صلى الله عليه وسلم-أنه قال: “إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه”؛ فإن العبد يحرم الرزق جزاء بما ارتكب من المعاصي والذنوب، أو يحرم بركته، فلا يأتيه رزقه إلا منغصاً منزوع البركة. وأعظم هذه الذنوب الماحية للبركة إثنتين هما:
الذنب الأول الزنا
فعن ابن عمر –رضي الله عنه- عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “الزنا يورث الفقر”, وقد قرن الزنا بالفقر فى كثير من الآيات والأحاديث نذكر منها ,قوله تعالى :“الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ” (سورة البقرة: الآية 268).
الذنب الثانى الكذب
فالكذب في الحديث يمحق البركة، يقول سبحانه: “وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ” (سورة المائدة: الآية 96)، وفى الحديث النبوى الشريف: “البيعان بالخيار ما لم يتفرقا,فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما,وإن كذبا وكتما لم يبارك لهما فى بيعهما”. ومن شعر الإمام علي-رضي الله عنه-:
إذا كنت في نعمة فارعها….فإن المعاصي تزيل النعم
وداوم عليها بشكر الإله…..فإن الإله سريع النقم
النقطة الثالثة: قلة التوكل على الله
إن التوكل على الله – تبارك و تعالى- من أعظم أسباب الرزق، والعكس صحيح، فقلة التوكل وكثرة التفكير والظن بأن التدبير يقع على عاتق العبد هو أحد أهم أسباب ضيق الرزق.
وفى هذا يقول النبى –صلى اله عليه وسلم-: “لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتعود بطاناً” اعتماد الناس على الأسباب الظاهرة للرزق، والاجتهاد الشديد فى طلبها، مع غياب التوكل على خالق الرزق وخالق الأسباب، سبب فى انقطاعه.
ولكن إن طلب العبد الرزق من الله وتوكل عليه حق التوكل، فسعى فى مناكب الأرض، لرزقكم كما يرزق الطير بسهولة ويسر.
النقطة الرابعة: قلة السعي في طلب الرزق
لقد شجع الإسلام على العمل ويرغب فى السعي لطلب الرزق، فالعبد الذي لا يعمل سيكون عالة على غيره يتكفف، ويطلب منهم ما يسد حاجته؛ ولذا حض الشرع على العمل فى كثير من الآيات والأحاديث، فقال سبحانه: “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ” (سورة التوبة: الآية 105).
وفى الحديث النبوى الشريف: “إن أفضل الطعام أن يأكل أحدكم من عمل يده، وإن نبى الله داود كان يأكل من عمل يده”، وكان- صلوات ربى وسلامه عليه- يتعوذ من الفقر والقلة والمذلة، والكسل، وسوء الكبر، ومن المأثم والمغرم.
النقطة الخامسة: كسب المال الحرام
فقد قال الله تعالى في تحريم سائر أنواع الكسب غير المشروع وأكل أموال الناس بالباطل، الغصب والسرقة، والنهب والسلب، والقمار، والزور، والرشوة،{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً} [ (سورة النساء: الآية 29) وصور كسب الحرام كثيرة نذكر منها:
أكل مال اليتيم
وفى تحريم أكل أموال اليتامى، يقول الله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا” (سورة النساء:الآية10).
أكل الربا
عن عمرو بن العاص –رضى الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه قال: “ما من قوم يظهر فيهم الربا إلا أخذوا بالسنة، وما من قوم يظهر فيهم الرشا إلا أخذوا بالرعب”.
وقد توعد الله –سبحانه وتعالى-المتعاملين بالربا بالفقر والخسارة، فقال في كتابه العظيم: “ييَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ” (سورة البقرة :الآية 276)؛ يمحق الله الربا بأن يذهب به كله، أو يذهب ببركته، وفي كلاهما ذهاب للمال وزوال للرزق.
المماطلة
من أشد أنواع الآثام الماحقة للبركة، و تسبب ضيق الرزق، المماطلة عند سداد الديون، فيجمع مع ذنب تأخير السداد، حمل الشخص المساعد له على بغض
عمل الخير، من كثرة ما يعانيه من التسويف والمماطلة؛ لذا فى الحديث النبوى الشريف: “مطل الغنى ظلم”، بل الأمر يتعدى ظلم المماطل إلى جواز عقوبته وتغريمه؛ لتسببه فى أذية نفس من وفر له المال ليسد حاجته، فبدلاً من أن يكافئه يماطل.
لذا فى الحديث النبوى الشريف: “لَيُّ الواجدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وعقوبَتَهُ”، وقد كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يتعوذ من المأثم والمغرم
فسئل فى ذلك فقال: “إن الشخص إذا غرم حلف فكذب، ووعد فأخلف”؛ فاحرص أخى الكريم على سداد الدين أولاً بـأول، يبارك لك فى مالك ويتكفل الله –عز وجل- بسداد الدين عنك، ففى الحديث النبوى الشريف: “من اقترض وفى نيته السداد سدد الله عنه، ومن اقترض وفى نيته الإتلاف أتلف الله عليه” وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
يمكنك أيضاً التعرف علي اسباب سعة الرزق